المجلة العربية تنشر مقالاً للأديب ناصر الجاسم بعنوان: مسرح سعودي عالمي
مسرح سعودي عالمي
المصدر: لقراءة العدد كاملاً من هنا
إن أي حديث عن مسرح عربي حقيقي يُعدّ حديثاً قاصراً وغير مكتمل الجوانب من وجهة نظري إن لم تتوفر البنى التحتية لوجود ذلك المسرح ككيان طبيعي وليس غريباً أو نادراً كنبت أشأم أو طحلب ضار فوق الأرض العربية كلها من المحيط إلى الخليج، فأول ما نفكر فيه هو أن يكون المسرح عنصراً أساسياً من عناصر الحياة كالماء والهواء أو كالطعام والشراب والدواء، المسرح في يقيني ليس ترفاً أو رفاهية أو ترفيهاً كما يعتقد الكثيرون، إنه حاجة أساسية لتعلم كل شيء ولفهم الحياة والوجود فهماً صحيحاً شاملاً، هو مدرسة وعيادة وحديقة وإن كان اسمه مسرحاً، فليس من المعقول أن نتحدث عن مسرح عربي ولا يزال كُتاب المسرح عندنا يكتبون النص المسرحي بالعامية، ليس العامية فحسب بل باللهجة المحلية الضيقة أو اللهجة القُطرية، وكُتاب المسرح يتخلقون عندنا اجتهاداً لا تعليماً مؤسساتياً في صفوف دراسية أكاديمية، كما أنه من غير الممكن أن نفتح نقاشاً عن مسرح عربي ولا وجود في مكتباتنا وفي مكتبات العالم لنص عربي مسرحي له طابع العالمية، ولا وجود لنصوص مسرحية عالمية تمثل عندنا في كل ليلة من ليالي السنة كالمآسي الكبرى لشكسبير، ولا وجود لممثلين محترفين متمرسين جاهزين ومدربين يتقنون أداء أدور لممثلين ماتوا بشكل فجائي والعرض المسرحي قائم ومستمر كما يحدث في روسيا وانجلترا، بل لا يوجد حسب علمي سوى معهدين عربيين عاليين للفنون المسرحية أحدهما في القاهرة والآخر في الكويت، وأن النص المسرحي لم يدخل المنهج المدرسي الرسمي إلا على استحياء في شكل مسرحية شعرية مبتورة ومقطّعة أو مجزوءة من سياقها العام، أو في شكل تعاريف لمصطلحات مسرحية جامدة، بل إننا في عالمنا العربي لا نرى المسرح إلا في صورة ممثلين يهزؤون ببعضهم بعضاً ويسخرون من الواقع العام في أول ليال العيد الثلاث أو في المهرجانات الثقافية ثم يُنسى المسرح طوال العام كله، بل إن من المؤلم جداً أن أرى خشبة المسرح في المدارس والجامعات العربية تُستخدم دائما لأغراض احتفالية غير مسرحية كإلقاء الخطب والكلمات أو حفلات التكريم والتوديع والتأبين والتقاعد وفقرات الإذاعة المدرسية.
ومع أن صناعة الفكر المسرحي ليست مستحيلة ولا هي سهلة جداً في نفس الوقت، بل هي مثلها مثل غيرها في كل فن قد تتأتى بالتعليم وبالدربة وبالمحاكاة، وما كان يمكن أن يحدث في دول أخرى ما يسمى بالإرث المسرحي لولا وجود فكر تم تربيته ذوقياً على حب المسرح، ولكم تمنيت كثيراً جداً أن يكون لدينا في المملكة العربية السعودية مجلة مسرحية تصدر بشكل شهري تساهم في تكوين فكر مسرحي جديد يصل بنا إلى حد العالمية.
ناصر سالم الجاسم
11/ 9/ 2021م
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
I am happy to read your opinion or suggestions