-->

تصوير الشخصيات ينم عن موقف فلسفي من الحياة في قصص ناصر الجاسم- كتبه: صديق الحلو

 


تصوير الشخصيات ينم عن موقف فلسفي من الحياة

قصص السعودي ناصر سالم الجاسم




كتب: صديق الحلو- السودان


القاص والروائي ناصر سالم الجاسم أصدر مجموعته القصصية "هكذا يزهر الحب". المجموعة شيقة، وتمتاز بالبهاء والألق. 

في قصته "الكأس المكسورة"، سعاد وبدرية وحصة ووداد كلهن تزوجن وأنجبن والدور الآن علي شيماء متي يأتي دوري أنا؟ … 

كان الزمن هو البطل والآن صار المكان هو البطل. استوعب أستاذ ناصر الجاسم هذه النظرية وعمل عليها، تجاوزت قصصه مستواها الحكائي، وصارت تدور حول الإنسان.

تصوير الشخصيات ينم عن موقف فلسفي من الحياة، تصوير الأحداث بعين المبدع، البناء الفني وما يكتنفه من مغامرات وعواطف ومواقف، أزمات وصراعات محورها نفس الإنسان وتقاطعها مع الغير، والإنسان يستطيع أن يتغلب على الظروف القاسية ناشداً الفضيلة.

مجاهدة الانسان مع النفس ومجاهدته مع الغير، تمكن الاستاذ ناصر الجاسم باقتدار في مجموعته "هكذا يزهر الحب" أن يبرز كل ذلك خاصة في قصته: الكاس المكسورة.

 وفي قصته الريح واحلام العجوز: 

"اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحاً، هدأت الريح فهمّت الجارة عفشى بزيارة رابحة لقضاء ما تبقي من ساعة الضحي وافراغ ما بداخلها من كمد وحرقة علي حظيرة الدجاج التي هدمتها الريح".

اتحفنا ناصر الجاسم بأحداث متعاقبة ومترابطة، وحياة الإنسان سلسلة من الأفعال والمواقف.

تحرر ناصر الجاسم من أسر السرد الكلاسيكي، وسيطر على الزمان.

المعروف أن موضوعية الوجود مستمدة من الفعل أو الحدث، وقصص "هكذا يزهر الحب" تتكلم من الداخل؛ العقل الباطن، قصص من الشعور الوجداني الخلاق، الافعال والسلوك تتأثر بالبيئة، والبيئة هنا محافظة سوى بعض التمرد والبحث عن التغيير، وتحس بتيار الوعي المتنامي المرتبط بالذات، والموضوع هو المهم.

قصص انفعلنا بما تحمله من مغزى حيث أن للحياة معنى، وتستحق أن تعاش. قصّ في قوالب جديدة تعبّر عن زمنها بصدق.

والقصة التي سميت بها المجموعة "هكذا يزهر الحب":

"رنا إليها رنوة حزن، فلانت أساريره المتجعدة، خيل إليه أنها زهرة ما تفتق مثلها كم، فسحّت دمعة حرى من مقلتيه واستعر الوجد في قلبه فمالت مشاعره إلى العتاب ورثاء النفس وتفوه الفم العذب: أواه! وامصيبتاه! قل لي وربك ماذا أفعل بجنين ينبت في أحشائي".

قصة لها رؤية تخاطب الراهن وترنو للمستقبل، وصف يفتح الباب واسعا لمختلف التأويلات. 

قصص ناصر الجاسم مليئة بالانفعالات، الآمال، والمخاوف، وعاطفة الإنسان دائمًا تكون حاضرة.

لخّص لنا ناصر الجاسم عوالمه، هناك كثير من الدلالات حاضرة وإيماءات الأشياء، الوصف الدقيق لخلجات النفس الإنسانية.

يكشف ناصر الجاسم عن عالم حقيقي ومدهش، قصص متطورة وحية لها موقف من الراهن الحياتي المعيش.

ولدي ناصر الجاسم كثير من المهارة، ويعرف جيدا ما يفعل. وفي قصة مشوار هيلة:

"هيلة ابنة العشرين، ومسفر يترصد خطواتها، استوقفها عنوة يريم قبلة عجلى محرمة، وتحديد موعد للفسق. يا إفراز الجسد عند الامتلاء يا صبابته عند اشتداد الهجير".

تابت هيلة توبة نصوحاً ولم يتركها مسفر، ومن ثم في طريقها للحج نالت حتفها.

صور حية ومتحركة وناصر مبدع حقيقي أفكاره واضحة ليس هناك تناقض بين الإبداع والوعي، ليس هناك قالب، ولكل كاتب تكنيكه الخاص، وقد استطاع ناصر الجاسم أن يترك بصمته، والنظريات تكون دائمًا مختصرة.

قصص ناصر الجاسم متميزة بما خطته من نهج جديد، قصص تعبر عن بيئتها، والإبداع وظيفته أن يضع التساؤلات وليس أن يصور الحقيقة.

قصص من الواقعية الجديدة، استطاع ناصر الجاسم أن يحدد بعض ملامحها.


ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

I am happy to read your opinion or suggestions

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *