-->

أيجوز أن نقسم النقد الأدبي إلى أكاديمي وصحفي؟



أيجوز أن نقسم النقد الأدبي إلى أكاديمي وصحفي؟

ناصر الجاسم








أن يكون النقد الأدبي نوعين اثنين، ذلك يفترض أن يكون الإبداع الأدبي نوعين اثنين أيضاً، نوع يكتب ويعد للنقد الأكاديمي، ونوع يكتب ويعد للنقد الصحافي، وهذا التقسيم الافتراضي لا أقبله ولا أتمنى حدوثه لإيماني التام بأن العملية الأدبية والنقدية يستحيل أن تخضع لتخطيط مسبق، وإن حدث وتم ذلك فمعناه أن مشروعاتنا الإبداعية نقدية كانت أو أدبية، فهي مريضة منذ الولادة، وأنها مشروعات قصدية التوجه، ومرضها وقصديتها ينحصران في انتاجيتها السلبية المتمثلة في خداع القارئ وتضليله ووقف نموه الفكري وإفساد ذائقته ليصبح غبياً بأثر الكلمة الموجهة والكلمة المريضة المعلولة، ولا يعني ما ذكرته سابقاً من أن النقد الجاد المصحح والمطور والمواكب فعل يأتي من الناقد الأكاديمي والناقد الصحافي، وتبقى عملية تقييم النقد راجعة لعنصرين اثنين مستفيدين منها، وهما القادران وحدهما على تشخيصها وأعني بهما المبدع صاحب الإنتاج الإبداعي شعراً أو نثراً أو رسماً والقارئ المستمتع بهذا الإنتاج، في حين انه يجب على المؤسسة الأدبية أو القنوات الأدبية بكافة أشكالها أن تتيح الفرصة للناقد الأكاديمي والناقد الصحافي في أن يعملا وأن يظهرا مشروعاتهما النقدية عبر منابرها، وان تجعل حصص الظهور متساوية، وألا تفضل أياً منهما على الآخر، فعوامل تفوق أي منهما على الآخر مرهونة بجده ونشاطه وتنوعه وتخصصه واختلافه ومتابعاته، لا بدرجة العلمية التي حصل عليها، ولا بالمؤسسة العلمية التي ينتمي إليها، ولا باللغات التي يجيدها، ولا بالمكان الذي حصل منه على الدرجة العلمية، ولا ينبغي من المبدع أياً كان الجنس الأدبي الذي ينتج فيه أن يقول: أيها الناقد الأكاديمي كم أكهرهك؟! أو يقول: أيها الناقد الصحافي كم أحبك؟!، بل عليه أن يردد دون تحديد أيها الناقد كن نزيهاً وعادلاً!!





ويتضح الفرق بين الناقدين الأكاديمي والصحافي في أن نقد الناقد الأكاديمي أكثر علمية ومنهجية وضبطاً بحثياً، أي انه نقد مدرسي محكوم بأعراف وثوابت لا يمكن الخروج عنها، مما يجعله نقداً ضيق الانتشار، فهو ينشر في مجلات محكمة ومحددة، والناقد من خلاله يسعى للترقيات العلمية أكثر من سعيه لخدمة المبدع أو الارتفاع بثقافة القارئ، فهو يأتي لخدمة الناقد نفسه أولاً ثم لخدمة الآخر، أما نقد الناقد الصحافي فانه يأتي خالياً من صرامة المناهج البحثية، به مساحة كبيرة من الحرية الشخصية، ويمتلك فرصا أفضل للذيوع والانتشار والوصول إلى الآخر، ولعل أبرز نقاط الحرية تلك الحرية التي يجدها الناقد الصحافي في استخدام اللغة بكافة مجازاتها واستعاراتها، أي أنه ليس محروماً من البلاغة!!.

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

I am happy to read your opinion or suggestions

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *